منتديات حطــــين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات حطين بادرة الاستاذ شارلي الرنتاوي


    الحجر الاسود

    avatar
    ahmad al betar
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد المساهمات : 69
    تاريخ التسجيل : 02/11/2009
    العمر : 27
    الموقع : abetar14@yahoo.com

    الحجر الاسود Empty الحجر الاسود

    مُساهمة  ahmad al betar الجمعة نوفمبر 13, 2009 8:14 am

    الحجر الأسود فقدته الكعبة 22 عاما في القرن الرابع الهجري: يمين الله في الأرض.. ومن استلمه كأنما بايع النبي محمد عليه السلام



    مكة المكرمة: عمر المضواحي
    وقفت نسوة من حجاج مصر أمام باب السلام. أشارت أكبرهن سنا الى فناء الحرم وقالت بصوت تخنقه العبرات «لا أصدق عيني.. هذه هي الكعبة.. خذوني الى الحجر الأسود»! توقد وجد البقية، وفاضت أعينهم بالدمع وهم يقبلون الأرض سجدا، لتختلط أصوات تلبيتهم وابتهالاتهم بزغاريد اخترق صداها أروقة المكان فرحا بسلامة الوصول الى بيت الله العتيق. وفي صحن المطاف تتزاحم أعناق الطائفين وأياديهم حول إطار فضي صقيل يرتفع نحو متر ونصف في الركن الشرقي الجنوبي من الكعبة المهيبة طلبا لتقبيل فص كبير، بيضاوي الشكل، يضرب لونه الى السواد. حيث يرى المسلمون أن هذا الحجر الكريم هو يمين الله في الأرض يصافح به عباده المؤمنين «كما يصافح الرجل أخاه»، وأن له لسانا وعينين تشهد لمن قبّله يوم القيامة. الدخول الى عالم الحجر الأسود بمثابة دخول الى بوابة منسية في التاريخ الروحي للبشرية. وتورد بعض أقدم كتب التاريخ روايات سطر فيها المؤرخون أنه في مبتدأ عمارة هذا الجرم الكوني الصغير، اشتكى آدم (عليه السلام) لربه وحشته في الأرض بعد أن هبط إليها عقابا لخطيئته في الجنة. فأمر الله (عز وجل) جبريل الأمين بأن ينزل إليه بالحجر الأسود من الجنة ليؤنس به وحدته! يقول الإمام المفسر فخر الدين الرازي (606 هـ) في مصنفه تفسير القرآن «إن آدم عليه السلام لما أهبط الى الأرض شكا الوحشة، فأمره الله تعالى ببناء الكعبة، وطاف بها».
    وروى أبو الوليد الأزرقي المتوفى سنة 223هـ في تاريخه (أخبار مكة) بسنده الى وهب بن منبه ـ وكان من أحبار اليهود ثم أسلم ـ قوله «إن الله تعالى لما تاب على آدم عليه السلام أمره أن يسير الى مكة فطوى له الأرض وقبض له المفاوز حتى انتهى إليها، وكان قبل ذلك قد اشتد بكاؤه وحزنه لما كان فيه من عظم المصيبة حتى أن الملائكة لتحزن لحزنه ولتبكي لبكائه، فعزاه الله بخيمة من خيام الجنة، ووضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة، وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة فيها ثلاث قناديل من ذهب من تبر الجنة، فيها نور يلتهب من نور الجنة، ونزل معها الركن وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض (أساس) الجنة، وكان كرسيا لآدم عليه السلام يجلس عليه». ومما قاله الشيخ عطية بن محمد سالم المدرس في المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة حول الحجر الأسود انه «يعتبر أقدم الأجرام المادية. وكما قيل فليس من الجنة على الأرض إلا الحجر الأسود ومقام إبراهيم. وقد نزل به جبريل عليه السلام». وزاد في حديث صحافي سابق قبل وفاته (رحمه الله) «أخبار الحجر الأسود طويلة وآثارها كلها من حيث التاريخ لا تخلو من نظر، وقد جاءت آثار في خصائصه وإن كانت كلها بأسانيد ضعيفة الا انها مما في الأخبار. وما يهمنا هنا هو الجانب العملي وهو فضله ومكانته في التشريع. ومما ذكر في فضله أنه يمين الله، وأن من فاتته بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستلمه كأنه قد بايع رسول الله. ومنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لقد نزل وله نور ولولا ما مسته أيدي المشركين لكان ما استشفي به مريض الا شافاه الله». ومما جاء فيه أيضا: «ما قيل أن الله سبحانه وتعالى أخرج ذرية آدم من ظهورهم وأشهدهم على أنفسهم: «ألست بربكم» قالوا بلى أنه كتب ذلك في كتاب أودعه الحجر الأسود». ويزعم المستشرقون أن الحجر الأسود نيزك من النيازك، وشهاب من الشهب استقر على الأرض. فيما يقول آخرون ان الاسلام حطم أصنام مشركي قريش، في فتح مكة، وعظم المسلمون بعدها الحجر الأسود وغيره. لكن الشيخ عبيد الله محمد أمين كردي، رحمه الله، تصدى لهذا الزعم في كتابه التاريخي (الكعبة المعظمة والحرمان الشريفان.. عمارة وتاريخا) بقوله «أقوال المستشرقين قائمة على الحدس والظن، وما يعلمه المسلمون من الحجر قائم على العلم اليقيني، والقاعدة تقول اليقين لا يزول بالشك». كما قال الشيخ الخطاط المؤرخ محمد طاهر الكردي في كتابه (مقام إبراهيم) أنه «مما هو جدير بالذكر والالتفات إليه، أن العرب في جاهليتها مع عبادتهم الأحجار، وبالأخص حجارة مكة والحرم، لم يسمع عنهم أن أحدا عبد الحجر الأسود والمقام مع عظيم احترامهم لهما ومحافظتهم عليهما»! وزاد (رحمه الله) «لقد تأملنا في سر ذلك وسببه، فظهر لنا أن ذلك من عصمة الله تعالى، فإنهما لو عبدا من دون الله في الجاهلية، ثم جاء الإسلام بتعظيمهما باستلام الركن الأسود، والصلاة خلف المقام، لقال المنافقون أعداء الإسلام: إن الإسلام أقر احترام بعض الأصنام، وانه لم يخلص من شائبة الشرك، ولتمسك بعبادتهما من كان يعبد أحدهما من قبل ولهذا حفظ الله تعالى هذين الحجرين عن عبادة أهل الجاهلية لهما». وتؤكد صحاح كتب الأحاديث النبوية أن الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة. نزل الى الأرض ولونه أبيض من الثلج ومن اللبن. كما ورد في الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه «والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق». وهو مودع بأمر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في ركن الكعبة المشرفة. وقد سمي الحجر الأسود في الحديث النبوي بـ (الركن). وهو مغروس في عمق بناء الكعبة ولا يظهر منه إلا رأسه الذي اسود من خطايا المشركين، أما ما غرس فلونه أبيض. وجاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قوله «كان الحجر الأسود أبيض من اللبن، وكان طوله كعظم الذراع».

    وأورد المؤرخ ابن إسحاق المتوفى سنة 151 هـ في مصنفه (سيرة إمام أهل السير) في قصة بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة قوله: «فلما ارتفع البنيان قرب له إسماعيل المقام، فكان يقوم عليه ويبني، ويحوله إسماعيل في نواحي البيت، حتى انتهى الى موضع الركن. قال إبراهيم لإسماعيل: أبغني حجرا أضعه هاهنا يكون للناس علما يبتدئون منه الطواف، فذهب إسماعيل يطلب له حجرا، ورجع وقد جاءه جبريل عليه السلام بالحجر الأسود، وكان الله قد استودع الركن جبل أبي قبيس ـ جبل قرب الحرم ومشعر الصفا جزء منه ـ حين أغرق الله الأرض زمن نوح، وقال: إذا رأيت خليلي يبني بيتي فأخرجه له. قال: فجاءه إسماعيل فقال له: يا أبت من أين لك هذا؟ قال: جاءني به من لم يكلني الى حجرك، جاء به جبريل. فلما وضع جبريل الحجر في مكانه، وبنى عليه إبراهيم وهو حينئذ يتلألأ من شدة بياضه فأضاء نوره شرقا وغربا، ويمينا وشمالا. قال: فكان نوره يضيء الى منتهى أنصاب ـ حدود ـ الحرم من كل ناحية من نواحي الحرم». وحين هدمت الكعبة المشرفة سنة 1039 هـ بسبب سيل جارف، وقام السلطان مراد العثماني بعمارتها، كان ممن حضرها الإمام ابن علان المكي، وقد سجل مراحل عمارتها ووصف ذلك بالتفصيل، ومما قاله عن الحجر وقد شاهده بالمعاينة: «ولون ما يستتر من الحجر الأسود بالعمارة في قدر الكعبة أبيض بياض حجر المقام، وذرع طوله نصف ذراع، وعرضه ثلث ذراع، ونقص منه قيراطا في بعضه، وسمكه أربعة قراريط، وعليه سيور من فضة. وقال: إن عدة فلق (شظايا) الحجر نحو ثلاثة عشر، أما الكبار منها أربعة، والباقيات صغار بالنسبة إليها، وقد عمل مركب يلصق به ما تفرق عنه من أجزائه».

    وقال المؤرخ والخطاط محمد طاهر الكردي المتوفى عام 1400 هـ موضحا ما آل إليه الحجر الأسود قبل نحو خمسين سنة فقط من الآن قوله «والذي يظهر من الحجر الأسود الآن في زماننا ـ منتصف القرن الرابع عشر الهجري ـ ونستلمه ونقبله ثماني قطع صغار مختلفة الحجم، أكبرها بقدر التمرة الواحدة، كانت قد تساقطت منه حين الاعتداءات عليه من بعض الجهال والمعتدين في الأزمان السابقة. وقد كان عدد القطع الظاهرة منه خمس عشرة قطعة، وذلك منذ خمسين سنة، أي أوائل القرن الرابع عشر للهجرة، ثم نقصت هذه القطع بسبب الإصلاحات التي تحدث في إطار الحجر الأسود، فما صغر ورق عجن بالشمع والمسك والعنبر، ووضع أيضا على الحجر الكريم». ويؤيد صاحب كتاب (الكعبة المعظمة والحرمان الشريفان) عبيد الله الكردي (رحمه الله) وهو مؤرخ التوسعة للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف وترميم وتجديد الكعبة المشرفة، ما جاء في وصف المؤرخ الكردي للحجر الأسود. وأكد في كتابه الصادر عام 1419هـ (1999) أن الحجر الأسود لا يمكن وصفه لأننا لا نرى منه الآن إلا ثماني قطع صغار (وساق رواية الكردي). إلا انه زاد بنشر صورة لرسم يوضح مكان القطع الثمانية في وجه الحجر الأسود رسمها الخطاط الكردي بنفسه في غرة ربيع الأول عام 1376هـ حيث وضع على نفس الحجر الأسود ورقة خفيفة ثم رسمه بالقلم من فوق الورقة قطعة قطعة. مضيفا: «المنظور من الحجر داخل في بناء الكعبة المشرفة والتي يحيط بها حجارتها من كل جانب، وأما طول الحجر فقد رآه يوم قلعه القرامطة في القرن الرابع الهجري محمد بن نافع الخزاعي، فرأى السواد في رأسه فقط وسائره أبيض وطوله قدر ذراع».

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 8:24 am